الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة الأستاذ توفيق العلوي كاتب رواية "تعويذة العيفة": "كـلـنـا الـعـيـفـة ولـكـل تـعـويـذتـه"

نشر في  19 فيفري 2016  (12:44)

 الأستاذ توفيق العلوي هو أستاذ اللغة بالجامعة التونسية حاصل على الدكتوراه والتأهيل الجامعي من كلية الآداب بمنوبة وهو كذلك مدير منتخب بالمعهد العالي للعلوم الإنسانية بتونس (ابن شرف جامعة تونس المنار).

بمناسبة نشر روايته الأولى "تعويذة العيفة" جمعنا به لقاء شيق فاستفاض بالحديث حول أهم محاور هذه الرواية التي صدرت يوم 22من جانفي2016.

في البداية ما معنى "تعويذة العيفة"؟

التعويذة هي ما يحصن ويحمي النفس، وقد أشرت إلى ذلك حتى من خلال صورة الغلاف التي مثلت دخانا متناثرا في عنان السماء. أما العيفة فهو شخصية آمنت بهذه التعويذة وإن صنع لنفسه لاحقا تعويذة ثقافية هي كتابة الرواية.

ماهو الحقل الدلالي لتعويذة العيفة؟

الدلالة الأولى هي دلالة سوسيولوجية مستمدة من عمق الروح التونسية والدلالة الثانية تبرز أن التعويذة الأساسية هي الثقافة ممثلة في أن "العيفة" أصبح روائيا مشهودا له بحيث أزعج السلطة بكتابة الروايات وحاول أن يدافع عن نفسه في كل مرة في حرب باردة ضدّ النظام الذي سعى إلى الكشف عن هذا الروائيّ المجهول. هذه منطلقات الأحداث ويبدو لي أن العنوان لفت نظر المولعين بالرواية.

ماهي ظروف ولادة هذه الرواية؟

كتبت منذ سنوات عدة أقصوصات لكنني لم أنشر إلا واحدة فقط في جريدة العرب وساهمت كذلك بعدة مقالات في الصحافة التونسية في المجال السياسي بأسلوب أدبي. هاته اللبنات الأولى قد تكون من العوامل المساعدة على فكرة كتابة رواية، وقد يكون تكويني اللغوي باعثا على هذه الكتابة دون أن ننسى وجيعة الإبداع التي لازمتني منذ أن كنت طالبا. وقد اكتشفت أن عسر مخاض الكتابة واحد سواء في البحث العلمي أو الرواية مع اختلاف في المنطق الداخلي، فالرواية أصعب في منطقها الداخلي من المنطق الداخلي للبحث العلمي لأن هذا البحث له حدود في حين يأخذك الواقع المتخيّل والمتخيّل الواقعي أحيانا إلى حيث لا تدري.

كيف يمكننا تصنيف الرواية؟

يصعب تصنيف الرواية ضمن صنف معيّن، فالتنميط من أصعب الأمور، لكن إن أجبرت على التصنيف فإنني أصنف روايتي بكل احتراز ضمن الرواية الواقعية بمفهوم الواقعية في الأدب، أي مايقع أو مايمكن أن يقع، ولكنّ هذا لا ينفي اعتمادي على "المتخيّل الواقعيّ"، والتصوير الرمزي في بعض المواقف والمشاهد.

وماهي اللغة المعتمدة في الرواية؟

الأصل هو اللغة العربية الفصيحة السهلة المستساغة ولكن بعض المشاهد التراجيديّة المنسوبة لغتها إلى العيفة ارتقت في لغتها درجة في الفصاحة في اللغة لأن لغة العيفة في روايته "حذاء السجان" أفصح من لغة الرواية. ولم تخل لغة الرواية من الروح التونسية التي مثلت خيطا رابطا في كل الرواية في المشاهد في روح الهزل وفي بعض المفردات المعجمية، أمّا الحوار فبالفصحى السهلة ولكن بتراكيب قريبة من الدارجة بما يناسب كلام الشخصيات وثقافتهم ومستواهم الاجتماعي وإن كانت المسافة بين الدارجة والفصحى ليست بالبعيدة.

كيف ألهمك "العيفة" أين وجدته وكيف تونسته؟

في الحقيقة أوجدني العيفة لأنه دلّني عليه وفرض نفسه عليّ فتلبسني وعاش في ذهني وروحي طويلا بما ساعدني على تشكل هذه الشخصية شيئا فشيئا، تركت العنان لنفسي وترك العيفة العنان لي ولم يقيّدني، فكان ما كتبت. أمّا عن الروح التونسية فأنا ابن المدرسة التونسية ابن علي الدوعاجي وابن البشير خريف وابن محمود المسعدي في بعض المقاطع وانأ كذلك ابن مدرسة الرواية العربية في الروح الهزلية. أجد نفسي في توفيق الحكيم "حمار الحكيم " ويوميات نائب في الأرياف " وغيرها، أمّا الذكريات فطه حسين، وأمّا النادرة فالجاحظ... العيفة هو نموذج لمثقف ريفي صنع نفسه بنفسه حلم بمملكة منذ الصغر وجدها في الرواية ثم حاول أن يؤسس لمملكة سياسية عندما دخل البرلمان وهو مثال لجيل في الثمانينات والتسعينات وإلى حدود انطلاق الشرارة الأولى للثورة التونسية هذا الجيل المستقل سياسيا لكنّه مهتمّ بالشأن العام السياسي.

ماهي القضايا المطروحة في "تعويذة العيفة"؟

المشاعر العاطفية بين الرجل والمرأة هي مشاعر تتغلب على جميع الصعاب، ودور المثقّف في الحياة السياسيّة، إذ روايات العيفة مدافعة عن حقوق الإنسان ومناهضة للتعذيب للمساجين سواء كانوا من اليمين أو من اليسار، ومن القضايا الأساسية قضية الهوية من خلال الأسماء التي وظفت رموزا لإشكالية الهوية التي عانى منها العيفة وجل الشخصيات بأشكال مختلفة.

فيم تتمثل خصوصية الرواية؟

تعويذة العيفة هي الثقافة وما أحوجنا اليوم إلى هذه الثقافة في تكوين شبابنا وتأطيره وموضوع الساعة اليوم في تونس الثقافة المنشودة حتى نحمي أبناءنا مما يهددهم من فكر متطرّف. كانت المرأة في الرواية ضحيّة ومضحّية في الوقت نفسه، وهي دلالة أساسية لإبراز قيمة المرأة ودورها في العائلة والمجتمع، وإن كانت أحداث الرواية في ما قبل الثورة، فإنني كنت واعيا بأنّ القضيّة واحدة ما بعد الثورة التونسية، فالأحقاب وإن اختلفت فالقضايا متشابهة لأنّ الظروف تكاد تكون هي نفسها.

هل سنرى "تعويذة العيفة" في جزء ثان؟

عندما قدمت الرواية للنشر كنت أظنني ارتحت من الصراع النفسي مع العيفة إلا أنني اكتشفت أن الهاجس نفسه يتلبسني وبعض المشاهد لرواية ثانية تهاجمني أفضّل ألاّ أفصح عنها الآن.

سندس زمال